Saturday, February 17, 2007

جهد بلا

جهد بلا
أعرف دُكَنْجياً كسولاً، يسند ظهره الى كرسيه المكسور طوال النهار دون كللٍ أو ملل،مستمتعاً بالراحة وقلّة الزبائن،معتقداً أن الربح الآتي من أي سلعةٍ سيبيعها لا تساوي عنده تكلفة الصفنة اللذيذة التي يصفنها .لذا فقد كان يمتقع وجهه ويتنكّد كثيراً إذا ما زاره زبون أو جار طالباً منه علبة سمن ، قدّاحة ، زرّ نيله ، باكيت فايسروي ، علبة فازلين ، متذمّراً بصوت عالٍ : ( يا حول الله يا جهد البلا). معتقداً أن وقوفه على طوله وارتداء (الحفّاية)، ومغادرة الكرسي، وانقشاع الدفء عن ثيابه أثناء إحضار المواد، بحدّ ذاته جهد بلا يستحق الاستياء أكثر منه رزق يستحق الحمد..لاحظت مؤخّراً أن معظم مواطنينا وحكوماتنا (المتعاقبة ) يفكّرون بنفس منطق هذا الدكنجي ، فكلّما ظهر لدينا مصدر طبيعي غزير، يستحق الانبساط والسرور، نفرت على ابتساماتنا حمّى جهد البلا وقلّة الحيلة وضعف ميزانية استغلاله.الديسي مثلاً،منذ أن اكتشفنا المخزون الهائل من تلك المياه قبل ربع قرن، وفركنا أيدينا فرحاً لاقتراب حلّ أزمة الماء نهائياً، ونحن نغلق عروضا ونفتح عروضا، نطرح مناقصات ونجمع مغلفات والحال على ما هو عليه..والسبب ضخامة الإنفاق وضحالة الموارد المالية. حتى استسلمنا في النهاية للواقع معتبرين أن اكتشاف ماء الديسي ، (جهد بلا)و(نشفان ريق)، أكثر منه مصدر مائي مهم..وقبل أن ننسى الديسي تماماً، ارتفع سعر البترول عالمياً، ففتّش بعض المكتشفين والعلماء الأردنيين بالدفاتر العتيقة، فوجدوا أن لدينا احتياطيا ضخما من الصخر الزيتي يمكن استغلاله - بعد الفتّ عليه طبعاً - فرح المواطنون وقتها وبنوا أحلاماً كبيرة، واعتقدوا أن الصخر الزيتي رزق من الله قد تم اكتشافه بالوقت المناسب، في حين اعتبرته الحكومة جهد بلا آخر يضاف الى جهد بلا مياه الديسي لما يحتاجه من مبالغ مالية ضخمة ليس بوسع الحكومة تأمينها بالوقت الحاضر، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نغلق عروضا ونفتح عروضا، نطرح مناقصات ونجمع مغلفّات، والحال على ما هو عليه..بسبب قلّة الموارد المالية وضخامة حجم الإنفاق..منذ أيام وأنا مضرب عن الأكل والشراب ومحادثة الناس مثل سامي الحاج ، أرفض حلاقة لحيتي أو تقليم شواربي أو تغيير ملابسي، والسبب أني علمت أن لدينا يورانيوم بكميّات هائلة تزيد عن 60 ألف طن يجب استخراجها واستغلالها، مما يعني أننا سنغلق عروضا ونفتح عروضا، نطرح مناقصات ونجمع مغلفّات، والحال سيبقى على ما هو عليه..صدقّوني أنا ممتعض تماماً لأننا رزقنا بجهد بلا جديد اسمه يورانيوم؟ يضاف الى جهدي البلا القديمين الديسي والصخر الزيتي ...
أحمد حسن الزعبي

No comments: