Friday, May 30, 2008

فضاء وقدر

فضاء وقدر

كانت قد تجاهلت كل صرخاته وتوسلاته بعدم الذهاب معها الى الدكتور. إلا أنها قد رتبت أمورها فها هي اختها الكبرى على وصول لتأخذ الشقيق الأصغر في مشوار..
..لم يبق الآن سوى دقائق ويصل بابا ونذهب لنرى الدكتور و إن لم تسكت سأجعله "يغزك إبره" علشان تتعلم تسمع كلام ماما.
بس أنا بدي أسبح وبدي آكل بوظة!!!
ستأكل بوظة وتسبح بعدما نرجع..يلا يا شاطر. وبالرغم من سنها الصغير فقد نجحت في تجهيز نفسها ومن معها في الموعد المحدد. يجب أن تلتزم فهذه مراجعة مهمة وخصوصاً أنها بعد العملية.. وصلت لعيادة الطبيب قبل قدوم الطبيب نفسه- كم هو أمر تقليدي أن لا يلتزم حتى الأطباء بمواعيدهم في هذه البقعة من العالم!
أصبح الصغير خارج عن السيطرة فحركته كثيرة و –يخزي العين- ما بيهدى. ويبدو أن الطبيب لن يحضر قبل ساعة!
تدخل الأب واصطحب طفله كثير الحركة ذا السنوات الأربع للطابق الثاني كي يمضي الوقت بسلام وبدون شقاوة..
وما أن رآى حسام الساحة الواسعة والممرات الفسيحة؛ بدأ يطير كطير كان محبوسا.. وكان شكله يوحي بانه عصفور يهرب من قدره ومن مفترسه، غير أن الحقيقة كانت أنه يهرب لقدره ولنهايته
كانت احدى "النوافذ الطويلة" المطلة للخارج توحي بأنها باب وما أن استند عليه الصغير حتى هوى به الى اسفل.. كل هذه المشهد مر على الأب المشدوه وكأنه حلم.. ركض الى ذلك المكان ليرى جسد ابنه الغض قد تفتت أمام أم عينيه..
تمالك نفسه ونزل الى مكان الحادث. حمل الصغير ودماؤه في كل مكان..التمت البشر..فوضى .. لاحول ولا قوة الا بالله ..وسعوا يا اخوان..الطواريء..خذوه على الطواريء.. والدماء تسيل وجمجمته الصغيرة مهشمة.. اتصال.. تمارة: اريد ابني .. احضره لي الآن...
قلت الآن.. ما الذي جرى؟
أين ابنـــ......... انخرطت بعدها في بكاء هستيري
عدة دقائق مضت قبل وصولها أمام غرف العمليات حث يرقد هذا الملاك جسداً مفككاً بلا روح.. اتصلت باختها لتوصيها بالطفل الأصغر من دون أي تفسير..
دخلت بعدها الأم لترى جثمان كبدها ولتصرخ آهاتها التي دوّت في أرجاء المشفى..
كانت تلوم نفسها لأنها لم تأخذه إلى البركة.. وتكره غريزتها التي خانتها بعدم الاستماع الى الصغير و اصطحابه لتناول البوظة.. لكنها تبرر لنفسها أن موعد المراجعة أهم ..
وتحدث الجثمان قائلة: "مش وعدتك أنا؟؟"
"انتي مؤمنة يا أم حسام، ولو عاش كان رح يعيش معلول فاقد لجميع وظائف المخ ولجميع وظائف أعضائه الداخليــــ..."وقبل أن ينهي أحد الأطباء كلامه قاطعته وهي محكمة القبضة على معطفه الطبي قائلة:" بس كان رح يضل عايش ويضل الي ابن" انخرطت بعدها أم حسام في نحيب هستيري آخر ... بين مكذبة بالخبر ومصدقة له.. فتارة تراها تقول أن ابنها نائم وسيصحو وتارة تقول انا السبب..
علم أبويها بالحادث قبل صلاة المغرب تزلزلت بعدها العائلة الكبيرة وحرّص جميع الأخوة والأخوات على أولادهم بالرغم من أن حادثة حسام كانت بسبب اهمال المشفى وليس اهمال من طرف أبوه..
وفي اليوم الذي دفن فيه حسام وقبل تشييع الجنازة دخلت تمارة على وليدها لتحدثه وتودعه والدموع أسيرة في عينيها عصية تأبى الخروج..
جلست تحدثه بنبرة منخفضة بدأتها بالسلام ثم:" أنا متأسفة اذا كنت قد وبختك أو صرخت عليك.. مش معناته اني ما بحبك .. أنا آسفة يا ماما وسامحني .. كان لازم اسمع كلامك وآخذك نشتري بوظة..."

زار حسام امه بعدها في المنام كان ملاكاً غير مشوه على وجهه ابتسامة يريد أن يشكرها لأنها "حليمة".
ستبقى ذكراه في قلبها وقد تراه كل يوم أمامها لكن كل ذلك سيبقيها اماً مكسورة.. الى الابد
من كان يدري أن زيارة الى الطبيب ستنتهي بفاجعه سبح خلالها حسام في الفضاء مرتين؛ مرة في مبنى المستشفى ليهوي في الفناء ومرة الى الجنة ليكون طيراً مخلدا يدعو لذويه بالرحمة.

انكرت المستشفى اهمالها بابقاء ذلك " الباب النافذة" مفتوحاً بالرغم من أن حادثة حسام كانت الخامسة من نوعها..
ولتبقى قصة حسام فضاءً وقدراً
وقضاءً لكن بكل الأعراف كفراً
رحمة الله عليك يا حسام الشخشير

Monday, May 26, 2008

كاظم الساهر في يوميات رجل مهزوم


لم يحدثْ أبدًا .. أنْ أحببتُ بهذا العمقْ

أنّي سافرتُ مع امرأةٍ .. لبلادِ الشوقْ



لم يحدثْ أبدًا .. أنْ أحببتُ بهذا العمقْ

أنّي سافرتُ مع امرأةٍ .. لبلادِ الشوقْ



وضربتُ شواطئَ عينيها كالرعدِ الغاضبِ أو كالبرقْ

فأنا في الماضي لم أعشقْ بل كنتُ أمثلُ دورَ العشقْ



لم يحدثْ أبدًا .. أنْ أحببتُ بهذا العمقْ

أنّي سافرتُ مع امرأةٍ .. لبلادِ الشوقْ



لم يحدثْ أبدًا .. أنْ أوصلني حبُ امرأةٍ حتى الشنقْ

لم يحدثْ .. لم يحدثْ أبدًا

لم يحدثْ أبدًا سيدتي أنْ ذقتُ النارَ وذقتُ الحرقْ

لم يحدثْ .. لم يحدثْ أبدًا



لم يحدثْ أبدًا .. أنْ أوصلني حبُ امرأةٍ حتى الشنقْ

لم يحدثْ .. لم يحدثْ أبدًا

لم يحدثْ أبدًا سيدتي أنْ ذقتُ النارَ وذقتُ الحرقْ

لم يحدثْ .. لم يحدثْ أبدًا



لم أعرفْ قبلكِ واحدةً غلبتْني

غلبتْني .. أخذتْ أسلحتي

هزمتْني .. داخلَ مملكتي



لم أعرفْ قبلكِ واحدةً غلبتْني

غلبتْني .. أخذتْ أسلحتي

هزمتْني .. داخلَ مملكتي



نزعتْ عن وجهي أقنعتي

لم يحدثْ أبدًا أبدًا أبدًا سيدتي



لم يحدثْ أبدًا .. أنْ أحببتُ بهذا العمقْ

أنّي سافرتُ مع امرأةٍ .. لبلادِ الشوقْ



سيحبُكِ آلافٌ غيري وستستلمين بريدَ الشوقْ

وستستلمين بريدَ الشوقْ

لكنّكِ لن تجدي بعدي رجلاً يهواكِ بهذا الصدقْ

رجلاً يهواكِ بهذا الصدقْ



سيحبُكِ آلافٌ غيري وستستلمين بريدَ الشوقْ

وستستلمين بريدَ الشوقْ

لكنّكِ لن تجدي بعدي رجلاً يهواكِ بهذا الصدقْ

رجلاً يهواكِ بهذا الصدقْ



لن تجدي أبدًا .. أبدًا

لن تجدي أبدًا .. أبدًا

لا في الغربِ .. ولا في الشرقْ



لم يحدثْ أبدًا .. أنْ أحببتُ بهذا العمقْ

أنّي سافرتُ مع امرأةٍ .. لبلادِ الشوقْ



وضربتُ شواطئَ عينيها كالرعدِ الغاضبِ أو كالبرقْ

فأنا في الماضي لم أعشقْ بل كنتُ أمثلُ دورَ العشقْ